شروط لا إله إلا الله
كلمة لا إله إلا الله لا بد من تحقيق شروطها فلا بدمن اجتماع هذه الشروط كما ينبغي أيضاً الابتعاد عن موانعها وقبل أن نورد هذه الشروط أنبه على أمرين..
الأمر الأول : التي استنبطها العلماء من خلال التتبع والاستقرار لنصوص الكاتب والسنة فالعلماء رحمة الله عليهم تتبعوا و أستقرأوا ما جاء في القرآن الكريم وما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن خلال هذا التتبع والاستقراء توصلوا إلى هذه الشروط ويمكن أن نقول بعبارة أخرى أنه من خلال النظر إلى النصوص التي جاءت في شأن لا إله إلا الله وجدوا أن هناك نصوص مطلقه ووجدوا نصوصاً مقيده فحملوا المطلق على المقيد ...
الأمر الآخر : أن هذه الشروط ليس المراد أن نحفظها عن ظهر قلب لكن لابد أن نحققها في حياتنا ونحققها في قلوبنا ..
وقد نبه الشيخ حافظ الحكمي رحمه الله في كتابه الجميل معارج القبول قال رحمه الله (ليس المراد من ذلك عد ألفاظها وحفظها فكم من عامي اجتمعت فيه و إلتزمها ولو قيل له أعددها لم يحسن ذلك وكم حافظٍ لألفاظها يجري فيها كالسهم وتراه يقع كثيراً فيما يناقضها والتوفيق بيد الله) أ.هـ الجزء الأول صفحة 377
قيل للحسن البصري (إن ناس يقولون من قال لا إله إلا الله دخل الجنة ) فقال رحمه الله (من قال لا إله إلا الله فأدى حقها وفرضها دخل الجنة
وعد بعض أهل العلم أنها سبعه شروط وبعضهم زاد ثمانية وعدها بعضهم عشرة وعلى كل قول أدلة من الكتاب والسنة..
الشرط الأول :
العلم بمعناه المراد منه نفياً وإثباتاً ..
الدليل قوله سبحانه وتعالى ( فأعلم أنه لا إله إلا الله )
وفي الحديث قال عليه الصلاة والسلام كما في حديث عثمان ( من متى وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة )أخرجه مسلم
الشرط الثاني :
اليقين هناك علم لكن أعلى العلم أن يصل إلى درجة اليقين فاليقين هو كمال العلم فلا بد من اليقين المنافي للشك والريب والتردد والظن فكل ذلك ينافي اليقين ما الدليل على هذا الشرط :قال سبحانه (إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا ) يعني قالوا هذه الكلمة عن يقين وعن رسوخ (ثم لم يرتابوا وجاهدوا في أموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون)
وجاء في حديث الذي أخرجه مسلم حديث أبي هريرة قال عليه الصلاة والسلام ( أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله لا يبقى الله فيهما عبد شاك فيهما ويحجب عن الجنة).
الشرط الثالث :
الإخلاص المانع من الشك بأن تكون العبادة لله وحده لا شريك له أن نقول هذه الكلمة نريد بذلك وجه الله.. والدليل على هذا قول تعالى (قل إن صلاتي ونيكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لاشريك له ) وقول سبحانه (فأعبد لله مخلصاً له الدين)
وجاء في حديث إبن مالك أنه عليه الصلاة والسلام قال ( إن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله ) أخرجه البخاري ومسلم .
وشرط الإخلاص هو الفارق بين الموحد والمشرك.
الشرط الرابع:
الصدق المنافي للنفاق.والصدق هو الفارق بين المؤمن والمنافق . فمن قالها بلسانه و أنكر مدلولها بقلبه فليس بموحد ولا مؤمن كما قال سبحانه عن المنافقين ( ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين )
وفي الصحيحين من حديث معاذ أن النبي عليه الصلاة والسلام قال (ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله صدقاً من قلبه إلا حرمه الله على النار)وقال سبحانه (ليجزي الصادقين بصدقهم ويعذب المنافقين إن شاء)
وقال ابن عباس في قوله (من جاء بالصدق ) المراد بالصدق أي من جاء بلا إله إلا الله ..
الشرط الخامس :
المحبة المنافية للبغض . فلا بد من محبة هذه الكلمة ولما تقتضيه ولما دلت عليه ونحب أهلها العاملين بها الملتزمين بشروطها ولو كان من أبعد الناس بلداً ولابد أن نحبهم ولابد أن نواليهم .. والدليل على هذا الشرط قال تعالى (ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حباً لله)
ما معنى هذه الآية : أخبر الله سبحانه وتعالى أن من أحب من دون الله شيئاً كما يحب الله فهو ممن اتخذ من دون الله أنداداً ..
وكما قال ابن القيم رحمه الله في مدراك السالكين (المحبة هي حقيقة العبودية وأعلى مراتب التعبد الحب والإله هو الذي يألهه العباد حباً وذلاً وخضوعاً )
يقول ابن رجب رحمه الله في كلمة الإخلاص لما تكلم عن حال السحرة سحرة فرعون لما آمنوا بموسى عليه السلام قال ( هذه حال السحرة لما سكنت المحبة قلوبهم سمحوا ببذل نفوسهم وقالوا لفرعون اقض ما أنت قاض ومتى تمكنت المحبة في القلب لن تنبعث الجوارح إلا إلى طاعة الرب سبحانه وتعالى )
وهذا هو معنى الحديث الإلهي الذي خرجه البخاري في صحيحه وفيه ( ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها ) والمعنى كما يقول ابن رجب ( أن محبة الله إذا استغرق بها القلب واستولت عليه لم تنبعث الجوارح إلا إلى مرام الرب وصارت النفس مطمئنة بإرادة مولها عن مرادها وهواها )أ.هـ
الشرط السادس :الانقياد المانع للترك .فلا بد من الانقياد لهذه الكلمة والقيام بحقوقها من الأعمال الواجبة ..والانقياد هنا هو الاستسلام لله وحده .ما الدليل على هذا الشرط .( ومن يسلم وجهه إلى الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى )وقال سبحانه( وأنيبوا إلى ربكم واسلموا له )
فلا بد من الانقياد أن تنقاد لهذه الكلمة وأن تقوم بحقوقها فلو أن شخصا قال أنا أصدق وأقول بأن الله هو المعبود وحده لا شريك له لكنه لم يعمل عملا من أعمال الجوارح, ترك العمل بالكلية فهذا يمحق شرط الانقياد وعنده تولي وهذا التولي يخرجه عن الملة.
الشرط السابع :
القبول المانع من الرد ..
فهناك من يعلم معناها , لكن يرد هذه الكلمة إما من باب التكبر أو التعصب أو الحسد.
ما الدليل على هذا الشرط ؟ قول الله سبحانه وتعالى (إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون) استكبار فهم يعلمون صدق النبي عليه الصلاة والسلام.
فقال سبحانه (لكنهم لا يكذبون ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون )
لكنه الأنفة انفه الجاهلية كما كان عند أبا جهل وغيره ..
لكن بعض الذين يكتبون في هذا الموضوع يفرقون بين الانقياد والقبول فيقولون الانقياد هذا عمل الظاهر والقبول هذا عمل الباطن الذي هو عمل القلب .
الانقياد عمل الجوارح والقبول عمل القلب.
وممن أشار إلى هذا الفرق بينهما ..
فضيلة الشيخ عبدالله إبن جبرين حفظه الله في رسالته الشهادتين
عندما قال أن الانقياد هو بالأفعال وجعل القبول بالأقوال .
ويستدلون بقوله ( فلا وربك لايؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لايجدون في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما )
التحكيم هنا عمل وهذا انقياد
ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا هذا هو القبول .
ويسلموا تسليما هذا هو الإحسان
فهذه الآية الكريمة جمعت مراتب الدين الثلاثة.
ذكر بعض أهل العم شرط ثامناً :
وهو الكفر بما يعبد من دون الله.
وهذا الشرط لاشك في أهميته بل هو ركن من أركان هذه الكلمة .
والدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم ( من قال لا إله إلا الله وكفر مما يعبد من دون الله حرم دمه وماله وحسابه على الله )
ويضيف بعضهم شرطا آخر :
وهو شرط الموافاة وهو أن يموت وهو قد حقق هذه الشروط كلها